للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي الأطعمة والأشربة النافعة، أما الأطعمة والأشربة الضارة كالمكسرات والمخدرات وسائر الأطعمة والأشربة الضارة في الدين أو البدن أو العقل، فهي من الخبائث المحرمة، وقد أجمع الأطباء وغيرهم من العارفين بالدخان وأضراره أن الدخان من المشارب الضارة ضررا كبيرا، وذكروا أنه سبب لكثير من الأمراض كالسرطان وموت السكتة وغير ذلك، فما كان بهذه المثابة فلا شك في تحريمه ووجوب الحذر منه، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يشربه، فقد قال الله تعالى في كتابه المبين: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} (١).

وقال عز وجل: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (٢) أما إمامة شارب الدخان وغيره من العصاة في الصلاة فلا ينبغي أن يتخذ مثله إماما، بل المشروع أن يختار للإمامة الأخيار من المسلمين المعروفين بالدين والاستقامة؛ لأن الإمامة شأنها عظيم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلما (٣)»، الحديث رواه مسلم في صحيحه. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه قال لمالك بن الحويرث وأصحابه: إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم (٤)».

لكن اختلف العلماء رحمهم الله هل تصح إمامة العاصي والصلاة خلفه، فقال بعضهم: لا تصح الصلاة خلفه؛ لضعف دينه ونقص إيمانه. وقال آخرون من أهل العلم: تصح إمامته والصلاة خلفه؛ لأنه مسلم قد صحت صلاته في نفسه فتصح صلاة من خلفه، ولأن كثيرا من الصحابة صلوا خلف بعض الأمراء المعروفين بالظلم والفسق، ومنهم ابن عمر رضي الله عنهما قد صلى خلف الحجاج وهم أظلم الناس، وهذا هو القول الراجح وهو صحة


(١) سورة الأنعام الآية ١١٦
(٢) سورة الفرقان الآية ٤٤
(٣) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٧٣)، سنن الترمذي الصلاة (٢٣٥)، سنن النسائي الإمامة (٧٨٠)، سنن أبو داود الصلاة (٥٨٢)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (٩٨٠).
(٤) صحيح البخاري الأذان (٦٢٨)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٧٤)، سنن النسائي الأذان (٦٣٥)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٥٣)، سنن الدارمي الصلاة (١٢٥٣).