للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدرت عدد المواطنين السعوديين الراغبين في الاستثمار والقادرين عليه والذين علموا عن طرح الأسهم في الاكتتاب ثم نسبت لهم عدد المتقدمين، فعلا أصابني فزع شديد وخشيت أن يكون لذلك دلالة على مدى ما وصلت إليه منزلة الدين في مجتمعنا إلى درجة أن تستهل هذه النسبة الكبيرة من المواطنين اقتحام خطر الربا، وأن ينضموا بسهولة إلى الجانب الذي أذن الله بالحرب، غير أني رجعت إلى نفسي وقلت لعل من هؤلاء كثيرا لا يهون عليهم ارتكاب معصية أقل خطرا. وإذن ما تفسير هذه الظاهرة؟

وأجبت لعل تفسيرها أن هؤلاء قد تقحموا الخطر تحت تأثير الاتجاه العام دون أن يكون لذلك دلالته على هوان أمر الإسلام في قلوبهم، ولو صح هذا التفسير فلا شك أن كثيرا من هؤلاء - والنذر والمواعظ تقرعهم كلما سمعوا خطبة أو قرأوا القرآن - يعانون من الصراع النفسي، ولذلك فإني أخشى أن يكون البحث مصدر فتنة لمثل هؤلاء، إن العوام - وأقصد بالعوام هنا غير المختصين في الفقه أو القانون - لا سيما مع الرغبة الشديدة في التخلص من الصراع النفسي والميل الجارف لتطمين الضمير لن يكونوا في حالة ذهنية ونفسية قادرة على تقييم البحث، إنهم ليسوا في وضع يمكنهم من التمييز بين الحقائق والأوهام بين الحجج الصورية والحجج الصحيحة بين الشبه والأدلة، ولذلك فإن البحث سيؤدي دورا لم يقصده كاتبه فهو الإضلال بغير علم، وإني بصدق أخشى على الكاتب من مقتضى الآية الكريمة: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} (١)، عافانا الله وإياكم، ولا أجد للأخ المكرم - والنصيحة له فرض - لا أجد له مخرجا إلا بمحو هذه الآثار، فرحمة الله وسعت كل شيء وهي مكتوبة للمتقين.


(١) سورة النحل الآية ٢٥