للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتفاني في تعاطيها، وهذا النوع هو الإنسان، المسمى بالحيوان الناطق، فهو موضع تجاذب بين أخلاق وطباع العالم السفلي، وبين صفات وصفاء العالم العلوي.

فيحن ذاك لأرضه بتسفل ... ويحن ذا لسمائه بتصعد

فإن غلب عليه اتباع دعاة الحق كالرسل، وتخلق بأخلاق العالم العلوي صعد إلى عليين وما أدراك ما عليون، وفضل العالمين لقهره نفسه وغريزتها الشهوانية، ونصره بسبب جهاده على أعدى عدوه وأشده مكرا وهو الشيطان الرجيم، والسلامة من حبائل الدنيا وزخارفها المشبوهة، وإن نزل بنفسه إلى الانغماس في شهواته بلا حد ومارس أصناف الرذائل وحط نفسه فانحط إلى همزات الشياطين ونزوات الحمر وسفاسف الأمور، وأوحال المآثم وظلمات المظالم، سقط إلى سجين وما أدراك ما سجين، وسفل عن مرتبة ذوات الحوافر فضلا وقيمة وحالا ومآلا.

كالعير ليس له بشيء همة ... إلا اقتضام القضب حول المذوذ

وقال آخر:

وإنك إن أعطيت بطنك سؤله ... وفرجك نال منتهى الذم أجمعا

٣ - عالم سفلي: - ويسمى بالحيوان النامي والمدرك، ويفارق العالم العلوي في جميع مواصفاته المذكورة، فهو حيوان شهواني وغير عاقل ليست فيه أهلية التكليف ولا أهلية العلم ولا الملك ولا التملك ولا غير ذلك، وهذا النوع كالأسد والجمل فدونك أيها الإنسان سعادة أو شقاء، وعلوا أو هبوطا، وعزا أو ذلة، فإذا فهمت هذه المقدمة علمت أن الله تبارك وتعالى حرم على الإنسان الخبائث، ومن أخبثها فاحشة الزنا وجعل عليه عقوبة لم