للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (١). {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} (٢) وأصبر الناس على بلاء الله هم الأنبياء {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} (٣).

لأنه في مواقف الضيق والحرج يمتحن الإيمان، وتظهر للناس خبيئته، حيث تتجرع النفس مرارة الألم، وتعبس الدنيا ويكفهر وجهها. هناك تتجلى قيمة الصبر وفضائله، متى استطاع الإنسان بعزيمته الصادقة وتسليمه بقضاء الله، أن يكبح جماح نفسه الشموس، ويأخذ بمجامعها إلى الجادة، فإذا ذاقت حلاوة الصبر وبرد الإيمان، هجعت واطمأنت، وذهب عنها وهج الحزن وكدره، حتى ترجع أصلب ما تكون عودا، وأقوى في مصاولة خطوب الدنيا ونكساتها.

وبهذا الدرع الفريد، يتجاوز المسلم أزماته؛ ليحمل مشعل الحياة الكريمة في دروب الأرض وفجاجها الواسعة، ويقوم بالمهمة التي خلق من أجلها، وليكمل مسيرة الخير تحت راية التوحيد الخالدة، فتتحول المنغصات الخانقة، إلى محرك نشط يدفع بالأمة إلى واجهة التاريخ، ويصقل بخشونته النفوس فتعود أكثر تألقا؛ لتعيش هنيئة راغدة في ظل دوحة الإسلام الوارفة، تتفيا ظلالها وتتقلب في خيراتها.


(١) سورة يوسف الآية ٩٠
(٢) سورة الإنسان الآية ١٢
(٣) سورة الأحقاف الآية ٣٥