للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بفعل معين، ولا قول معين، فقد «عزر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجر، وذلك في قضية الثلاثة الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم، فهجروا خمسين يوما لا يكلمهم أحد»، وقضيتهم مشهورة في الصحاح. وعزر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنفي فأمر بإخراج المخنثين من المدينة ونفيهم، وكذلك الصحابة من بعده، ونذكر من ذلك بعض ما وردت به السنة مما قال ببعضه أصحابنا، وبعضه خارج المذهب، فمنها أمر عمر بن الخطاب بهجر صبيغ الذي كان يسأل عن الذاريات وغيرها، ويسأل الناس عن مشكلات القرآن، فضربه ضربا وجيعا ونفاه إلى البصرة أو الكوفة، وأمر بهجره، فكان لا يكلمه أحد حتى تاب، وكتب عامل البلد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخبره بتوبته، فأذن للناس في كلامه، ومنها أن عمر رضي الله عنه حلق رأس نصر بن حجاج ونفاه من المدينة لما شبب النساء به في الأشعار وخشي الفتنة به.

ومنها ما فعله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين، ومنها «أمره صلى الله عليه وسلم للمرأة التي لعنت ناقتها أن تخلي سبيلها». ومنها أن أبا بكر رضي الله عنه استشار الصحابة في رجل ينكح كما تنكح المرأة، فأشاروا بحرقه في النار، فكتب أبو بكر رضي الله عنه بذلك إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه، ثم حرقهم عبد الله بن الزبير في خلافته، ثم حرقهم هشام بن عبد الملك، وهو رأي ابن حبيب من أصحابنا، ذكره في مختصر الواضحة.

ومنها أن أبا بكر رضي الله عنه حرق جماعة من أهل الردة، ومنها إباحته صلى الله عليه وسلم سلب الذي يصطاد في حرم المدينة لمن وجده، ومنها أمره صلى الله عليه وسلم بكسر دنان الخمر وشق ظروفها، ومنها أمره لعبد الله بن عمر رضي الله عنه بتحريق الثوبين المعصفرين ومنها «أمره صلى الله عليه وسلم يوم خيبر بكسر القدور التي طبخ فيها لحوم الحمر الأهلية ثم استأذنوه في غسلها فأذن لهم (١)»، فدل على جواز الأمرين؛ لأن العقوبة بالكسر لم تكن واجبة، ومنها هدمه صلى الله عليه وسلم لمسجد الضرار «ومنها أمره صلى الله عليه وسلم بتحريق متاع الذي غل من الغنيمة»، ومنها إضعاف الغرم على سارق ما لا قطع فيه من الثمر والكثر.

ومنها إضعاف الغرم على كاتم الضالة، ومنها أخذه شطر مال مانع الزكاة


(١) صحيح البخاري فرض الخمس (٣١٥٥)، صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٣٧)، سنن النسائي الصيد والذبائح (٤٣٣٩)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (٢٩٧٦)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٩٢).