عبد الرحمن بن جابر فوجب تركه لاضطرابه، وقول ابن المنذر يرجع إلى ما ذكره الأصيلي من الاضطراب؛ فإن رجال إسناده ثقات، والاضطراب الذي أشار إليه هو أنه روي عن عبد الرحمن بن جابر وأبيه جميعا، عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه الطرق كلها مخرجة في الصحيحين على الاتفاق والانفراد.
وروي أيضا عن عبد الرحمن بن جابر، عن رجل من الأنصار، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الاختلاف لم يؤثر عند البخاري ومسلم؛ لأنه يجوز أن يكون سمعه من أبيه عن أبي بردة فحدث به مرة عن هذا ومرة عن هذا. وقوله:" عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم " يريد به أبا بردة. وقوله:" عن رجل من الأنصار " يريد به أيضا أبا بردة؛ فإنه وإن كان قضاعيا بلويا فإنه حليف للأنصار فنسبه إليهم، وهو مشهور بالنسبة إليهم، وقد ذكر أبو الحسن الدارقطني أن حديث عمر بن الحارث المصري الذي قال فيه:" عن أبيه " صحيح؛ لأنه ثقة وقد زاد رجلا وتابعه أسامة بن زيد. فهذا الدارقطني قد صحح الحديث بعد وقوفه على الاختلاف، وجنح إلى ما جنح إليه صاحبا الحديث رضي الله عنهما والله عز وجل أعلم " أهـ كلام الحافظ المنذري في الحديث، وتتضح به مسالك العلماء في الحديث التي أشار إليها الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى.