للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طرقهم العقدية كما قال جل وعلا عنهم في محكم التنزيل: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} (١).

ولم يعرف لهم في التاريخ القديم أو الحديث اتفاق إلا في معاداة الإسلام؛ لأن الصراع في العقيدة التي بموجبها العلاقة بالله جل وعلا هي المحك والذي بموجبه تتجلى بواطن النفس ودخائل أعمالها.

يقول سيد قطب في الظلال: تلك هي العلة الأصيلة، ليس الذي ينفعهم هو البرهان، وليس الذي ينقصهم هو الاقتناع بأنك يا محمد على الحق، وأن الذي جاءك من ربك الحق، ولو قدمت إليهم ما قدمت، ولو توددت إليهم ما توددت لن يرضيهم من هذا كله شيء إلا أن تتبع ملتهم، وتترك ما معك من الحق، إنها العقدة الدائمة التي نرى مصداقها في كل زمان ومكان، إنها هي العقيدة، هذه هي حقيقة المعركة التي يشنها اليهود والنصارى في كل أرض، وفي كل وقت ضد الجماعة المسلمة، إنها معركة العقيدة هي المشبوبة بين المعسكر الإسلامي، وهذين المعسكرين اللذين قد يتخاصمان فيما بينهما، وقد تتخاصم شيع الملة الواحدة فيما بينها، ولكنها تلتقي دائما في المعركة ضد الإسلام والمسلمين.

إنها معركة العقيدة في صميمها وحقيقتها، ولكن المعسكرين العريقين في العداوة للإسلام والمسلمين يلونانها بألوان شتى، ويرفعان عليها أعلاما شتى، في خبث ومكر وتورية، إنهم قد جربوا حماسة المسلمين لدينهم وعقيدتهم حين واجهوهم تحت راية العقيدة، ومن ثم استدار الأعداء العريقون فغيروا أعلامهم (٢).

فاليهود وإن قفرت منهم معابدهم، والنصارى وإن تساهلوا في ارتياد


(١) سورة البقرة الآية ١١٣
(٢) في ظلال القرآن ١: ١٤٢.