للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (١).

يقول الباقلاني: " هذه تشمل على ست كلمات، سناؤها وضياؤها على ما ترى، وسلاستها وماؤها على ما تشاهد، ورونقها على ما تعاين، وفصاحتها على ما تعرف.

وهي تشمل على جملة وتفصيل وجامعة وتفسير: ذكر العلو في الأرض باستضعاف الخلق بذبح الولدان وسبي النساء، وإذا تحكم في هذين الأمرين، فما ظنك بما دونهما؟ لأن النفوس لا تطمئن على هذا الظلم والقلوب لا تقر على هذا الجور. ثم ذكر الفاصلة التي أوغلت في التأكيد، وكفت في التظليم، وردت آخر الكلام على أوله وعطفت عجزه على صدره " (٢).

ومن أمثلة إيجاز القصر، قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ} (٣) حياة وقد كان العرب يستحسنون بل يعجبون بحكمة قالوها ويعتبرونها قمة البلاغة لما فيها من إيجاز وهي قولهم" القتل أنفى للقتل".

وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (٤) يفوق ما استحسنه العرب من أربعة أوجه (٥).

الأول: أن الآية أكثر فائدة، ففيها من المعاني والفوائد ما في قولهم (القتل أنفى للقتل) وزيادة المعاني الحسنة التالية:

أ - إبانة العدل بذكر كلمة القصاص وأن القتل ليس تشفيا من المقتول.

ب - الترغيب في القصاص بذكر الحياة وجعلها نتيجة له.


(١) سورة القصص الآية ٤
(٢) الباقلاني، إعجاز القرآن ص ١٩٣ - ١٩٤.
(٣) سورة البقرة الآية ١٧٩
(٤) سورة البقرة الآية ١٧٩
(٥) الرماني: النكت في إعجاز القرآن ص ٧٧ - ٧٨، سيد الحكيم، إعجاز القرآن ص ٧٥.