للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالاحتساب بإجماع أهل الإسلام فرض لازم من الفروض التي إذا تركتها الأمة أثمت، وظلمت، واستحقت عقاب الله لها بشتى ضروب المحن في الدنيا، وبشتى صنوف العذاب في الآخرة. أما إذا قام به من يكفي في ذلك فقد سلمت الأمة، ونجت وتم بناؤها الاجتماعي. فهو إذن فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين ولكنه في أحوال أخرى يكون فرض عين وتفصيلا لهذا الحكم يقول بعض الباحثين:

" إذا كانت الحسبة فريضة في الجملة فإنما ذلك بالنظر إليها لا إلى ما تتعلق به من أقوال وأفعال. إذ يطرأ على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحكام مختلفة تبعا لمرتبة ذاك المعروف وذاك المنكر ".

وأضيف إلى هذا منزلة من يقوم به ومكانته. . . الخ. فالمعروف المأمور به قد يكون فرضا. وقد يكون سنة، أو مستحبا. وعندئذ يكون حكم الأمر به تابعا لحكمه ذاته. والمنهي عنه يكون حراما أحيانا. ويكون مكروها تحريميا أو تنزيهيا أحيانا أخرى، وعند ذلك يحكم على النهي بحسب حكم المنهي عنه ذاته، هذا في الحالات الفردية، أما لو ترك المسنون كله في المجتمع، أو ارتكب المكروه عامة في المجتمع فعندئذ يكون حكم الاحتساب فرضا على ذلك، إحياء للسنة، وإماتة للبدعة، وتصحيحا لما قد يسود في المجتمع من مفهوم خاطئ مخالف لشرع الله. وإضافة إلى هذا أقول: قد يكون الاحتساب فرض عين على من شاهد منكرا محرما دون سواه من الناس ومن ذلك النساء اللاتي يطلعن على بعض الأمور التي لا يطلع عليها سواهن فلا بد أن يأمرن وينهين بالحسنى، ومن ذلك المحتسب المعين أو المولى من قبل السلطة فيتعين عليه الأمر والنهي إذا وصل إلى علمه ما يوجب ذلك، ومن ذلك الرفيق في السفر أو العمل أو الدراسة. فعلى الفرد من هؤلاء يتعين الاحتساب.