للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصار لا يحصل من المسلمين إلا الزكاة مع تقويمها وتخريصها بالحق والعدل، وخوفا من التلاعب أمر بتوحيد المكاييل والموازين في أنحاء الدولة الإسلامية.

ويتجه عمر إلى فكرة الضمان الاجتماعي التي تحقق هذا التكافل الذي يسعى إليه للجميع، فكانت الصدقات تؤخذ من الأغنياء ثم توزع على الفقراء.

ويتحدث ابن جحزم عامل عمر على صدقات بني تغلب قائلا: إنه يأتي إلى الحي ويدعوهم بأموالهم فيقبضها، ثم يدعو فقراءهم ويقسمها فيهم، حتى أنه ليصيب الرجل الفريضتين أو الثلاث، فما أفارق الحي وفيهم فقير، ثم آتي إلى الحي الآخر فأصنع بهم كذلك، فما أنصرف إلى الخليفة بدرهم (١).

وكان عطاء الرجل لا ينقطع بموته بل ينتقل إلى ورثته، وأمر أن تقام الخانات ومراكز الضيافة في البلاد، وتزويد المسافرين بالطعام ودلالتهم على الطريق، ونراه يوزع العطاء على جميع محاربي الدولة بالعدل الشامل دون تفريق بين عربي وغير عربي، ما دام الجميع يحملون راية لا إله إلا الله، ويعزل واليه على خراسان؛ لأنه منع ألوفا من الموالي الذين كانوا يغزون، منعهم عطاءهم (٢). وقد رفع عمر الجزية عن الرهبان في مصر، ونظر كذلك إلى الكنيسة فألغى الضريبة التي كانت تقوم بدفعها.

وكتب إلى عامله على البصرة أن انظر في أهل الذمة فارفق بهم، وإذا كبر الرجل منهم وليس له مال فأنفق عليه (٣).

وكان جباة الزكاة إذا لم يجدوا فقراء لإعطائهم الزكاة اشتروا بها عبيدا


(١) ابن الجوزي ص ٨٦، ٨٧.
(٢) ابن سعد ج ٥ ص ٢٧٧.
(٣) ابن سعد ج ٥ ص ٢٨٠.