يقول المؤلف: ولما سمع الشيخ هذا الكلام مني قال: يا بني إن الذي ذكرته لك من فضل الإسلام ومقام نبي المسلمين وفقني الله لمعرفة ذلك بعد ما كبر سني، وضعف جسمي، وقلت حيلتي، هذا ولم يبق لي العذر الآن وإن حجة الله قائمة علي، ولكن لو هداني الله وأنا في سنك لتركت كل شيء ودخلت في دين الحق، ولا يخفى " حب الدنيا رأس كل خطيئة "، وأنت ترى منزلتي عند النصارى، وفي هذا الوقت لو عرفوا مني أنني أميل إلى الإسلام شيئا لقتلوني في حينه، ولو نجوت منهم ولحقت بالمسلمين وقلت لهم: جئتكم مسلما لردوا علي: لا تمنن علينا إسلامك لأنك كسبت لنفسك خيرا، وبذلك سأصبح بينهم شيخا فقيرا في سن التسعين لا أفهم لسانهم، ولا يعرفون حقي فأموت بينهم جوعا.
وأحمد الله على أنني على دين عيسى عليه السلام ومتمسك بما جاء به والله أعلم بذلك مني.
يقول المؤلف: ثم قلت له: وهل تشير علي بأن أذهب إلى بلاد المسلمين، وأدخل في دينهم؟ فأجاب قائلا: إن كنت عاقلا وطالبا للنجاة فبادر إلى ذلك، ستنال به الدنيا والآخرة، وأخذ مني موثقا على أن لا أكشف سر هذا الأمر ثم بدأت أستعد للسفر، ولما عزمت على السفر وجئت لوداعه أعطاني خمسين دينارا لنفقات السفر ودعا لي بالخير، ولما عزم المؤلف على الهجرة إلى بلاد المسلمين رجع أولا إلى بلده