كان دائب الحركة في سبيل الغواية والضلال والإضلال، وقد وجد له من الصوفية والمتصوفة من اتخذهم له أولياء واتخذوه وليا فغلوا في دين الله، وشرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، فاعتقدوا النفع والضر عند غير الله، والمنع والعطاء لدى غير الله، لدى مشايخ الطرق وأدعياء التصوف والدجل والشعوذة أحياء وأمواتا، وصرفوا للمخلوق مما هو محض حق الخالق حقوقا لا تصح نسبتها إلا لله، فهذا البوصيري يقول:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
وهذا البرعي يقول:
يا سيدي يا رسول الله يا أملي ... يا موئلي يا ملاذي يوم تلقاني
فأنت أقرب من ترجى عواطفه ... عندي وإن بعدت داري وأوطاني
وهذا البكري يقول:
وناده إن أزمة أنشبت ... أظفارها واستحكم المعضل
عجل بإذهاب الذي أشتكى ... فإن توقفت فمن أسأل
وهذا رابع يقول:
يا سيدي يا صفي الدين يا سندي ... يا عمدتي بل ويا ذخري ومفتخري
فإنني عبدك الراجي بودك ما ... أملته يا صفي السادة الغرر
وبالرغم من حركات الشيطان في الغواية والإضلال، وقدرته على اصطفاء مجموعة من عباد الله ليكونوا أعوانا في الضلال والإضلال؛ إلا أن الله يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، فلقد وعد الله تعالى بحفظ كتابه من التحريف والتغيير والتبديل، وتم وعد الله؛ فلقد مضى على نزوله أكثر من أربعة عشر قرنا وهو محفوظ بكل وسائل الحفظ سراجا منيرا ومحجة بيضاء، كما أن الله تعالى قيض لسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - رجالا أتقياء أذكياء صالحين نقلوها إلى الأمة الإسلامية نقية صافية، وبذلك