للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في المنارة عند طلوع الفجر فأرسل إليه مالك فقال: ما هذا الذي تفعل؟ قال: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر. فقال: ألم أنهك لا تحدث عندنا ما لم يكن؟! فقال: إنما نهيتني عن التثويب، فقال له مالك: لا تفعل. فكف أيضا زمانا ثم جعل يضرب الأبواب، فأرسل مالك إليه فقال له: ما هذا الذي تفعل؟ فقال: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر، فقال له مالك: لا تفعل، لا تحدث في بلدنا ما لم يكن فيه.

وقد ذكر الشاطبي - رحمه الله - تفسير التثويب الذي نهى عنه مالك - رحمه الله - بأن المؤذن كان إذا أذن فأبطأ الناس قال بين الأذان والإقامة: قد قامت الصلاة، حي على الفلاح.

وذكر الشاطبي في كتابه الاعتصام قال: وقال ابن حبيب، أخبرني ابن الماجشون أنه سمع مالكا يقول: من أحدث في هذه الأمة شيئا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خان الدين؛ لأن الله تعالى يقول:

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (١)

وأختتم هذا البحث بما روى أبو داود والترمذي عن أبي نجيح العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها الدموع، فقلت: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: «أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة (٢)». قال الترمذي حديث حسن صحيح.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عبد الله بن سليمان بن منيع


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) سنن الترمذي العلم (٢٦٧٦)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٢)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٢٦)، سنن الدارمي المقدمة (٩٥).