للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهدم، ثم بلغه أنهم يجتمعون في ناحية من مسجد الكوفة يسبحون تسبيحا معلوما، ويهللون ويكبرون، قال: فلبس برنسا ثم انطلق فجلس إليهم، فلما عرف ما يفعلون رفع البرنس عن رأسه ثم قال: أنا أبو عبد الرحمن، ثم قال: لقد فضلتم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - علما، أو لقد جئتم ببدعة ظلما، قال: فقال عمرو بن عتبة: والله، ما فضلنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - علما، ولا جئنا ببدعة ظلما، ولكننا قوم نذكر ربنا، فقال: بلى والذي نفس ابن مسعود بيده، لئن أخذتم آثار القوم لتسبقن سبقا بعيدا، ولئن حرتم يمينا أو شمالا لتضلن ضلالا بعيدا.

وذكر بإسناده عن بعض أصحاب عبد الله بن مسعود قال: مر عبد الله برجل يقص في المسجد على أصحابه وهو يقول: سبحوا عشرا، وهللوا عشرا، فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أضل، بل هذه، بل هذه، يعني: أضل.

وروي بإسناده عن أبان بن أبي عياش قال: لقيت طلق بن عبد الله بن كرز الخزاعي، فقلت له: قوم من إخوانك من أهل السنة والجماعة، لا يطعنون على أحد من المسلمين، يجتمعون في بيت هذا يوما، وفي بيت هذا يوما، ويجتمعون يوم النيروز والمهرجان ويصومونهما، فقال طلق: بدعة من أشد البدع، والله، لهم أشد تعظيما للنيروز والمهرجان من غيرهما، ثم استيقظ أنس بن مالك فوثبت إليه فسألته كما سألت طلقا فرد علي كما رد علي طلق، كأنما كانوا على ميعاد.

وروى بإسناده قال: ثوب المؤذن في المدينة في زمان مالك، فأرسل إليه مالك فجاءه، فقال له مالك: ما هذا الذي تفعل؟ قال: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر فيقوموا. فقال له مالك: لا تفعل، لا تحدث في بلدنا شيئا لم يكن فيه، قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا البلد عشر سنين، وأبو بكر وعمر وعثمان فلم يفعلوا هذا، فلا تحدث في بلدنا ما لم يكن فيه. فكف المؤذن عن ذلك، وأقام زمانا، ثم إنه تنحنح