للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب: إن الشيخ - رحمه الله - قد وافق في قوله هذا إجماع المسلمين فلم يخالفه واحد منهم، ونعني بالمسلمين أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين والقرون المفضلة ومن تبعهم بإحسان، وإنما خالفه بعض من جاء بعدهم من المخرفين والقبوريين، وهؤلاء لا يعتد بخلافهم، وليسوا جمهور المسلمين وإن سماهم هو بذلك، فالعبرة بالحقائق لا بالتسميات، وإنما هم من الشواذ المنتسبين إلى الإسلام.

(ب) قوله: ونحن نوافق إلى حد ما على قوله في زيارة قبور الصالحين والنذر له، معناه أنه لا يوافق موافقة تامة على منع زيارة قبور الصالحين للتبرك بها والاستغاثة بأصحابها والنذر لها، وهذا يدل على أنه يسمح بشيء من ذلك مع أنه عبادة لغير الله وشرك أكبر، ولا يخفى ما في هذا من التساهل في شأن الشرك، وعدم اهتمامه بالعقيدة.

(ج) وقوله: ولكن نخالف مخالفة تامة في زيارة الروضة الشريفة؛ وذلك لأن الأساس الذي بني عليه منع زيارة الروضة الشريفة بقصد التبرك والتيمن هو خشية الوثنية، وأن ذلك خوف من غير مخاف، فإنه إذا كان في ذلك تقديس لمحمد فهو تقديس لنبي الوحدانية، وتقديس نبي الوحدانية إحياء لها.

والجواب عن ذلك نقول:

أولا: الشيخ - رحمه الله - لا يمنع زيارة الروضة الشريفة بقصد الصلاة فيها، فنسبة المنع إليه غير صحيحة، بل هو يرى استحباب ذلك كغيره من علماء المسلمين عملا بالسنة الصحيحة.

ثانيا: زيارة الروضة الشريفة إنما القصد منها شرعا هو الصلاة فيها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة (١)»، وليس القصد من زيارتها التبرك والتيمن بها، وتقديس محمد - صلى الله عليه وسلم - كما يزعم أبو زهرة؛ لأن هذا مقصد شركي أو بدعي.


(١) صحيح البخاري الجمعة (١١٩٥)، صحيح مسلم الحج (١٣٩٠)، سنن النسائي المساجد (٦٩٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٩)، موطأ مالك النداء للصلاة (٤٦٣).