للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطلبا من غيره، ولما رأى بعض الصحابة وكانوا حدثاء عهد بالإسلام أن المشركين يتبركون بشجرة، وطلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل لهم شجرة مثلها يتبركون بها استنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك استنكارا شديدا، وقال: «قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى: (٢)»، الأعراف / ١٣٨.

فدل هذا الحديث على أن من يتبرك بشجرة أو حجر أو قبر أو بقعة فقد أشرك بالله واتخذ المتبرك به إلها.

ثاينا: وأما قوله: وليس التبرك الذي نقصده عبادة أو قريبا منها، إنما التبرك هو التذكر والاعتبار والاستبصار.

فالجواب عنه: أن هذا من جهله بمعنى العبادة، وعدم تفريقه بين التبرك وبين التذكر والاعتبار، أو يتجاهل ذلك من أجل التلبيس على الناس، فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال، ومنها الرغبة والرهبة والرجاء، ومنها التبرك وهو طلب البركة، يكون بأسمائه سبحانه، فالتبرك بغير الله شرك، إلا التبرك بشعر النبي - صلى الله عليه وسلم - ووضوئه، فهذا خاص به - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله جعله مباركا، ولا يمكن ذلك إلا في حال حياته ووجوده، ولم يكن الصحابة يتبركون بمنبره ولا بقبره ولا حجرته، وهم خير القرون وأعلم الأمة بما يحل وما يحرم، فلو كان جائزا لفعلوه، وبعد أن انتهينا من رد ما نسبه إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ننتقل إلى رد ما نسبه إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب فنقول:


(١) سنن الترمذي الفتن (٢١٨٠)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢١٨).
(٢) سورة الأعراف الآية ١٣٨ (١) {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}