(و) قوله: وإنا لنعجب من استنكاره لزيارة الروضة للتيمن والاستئناس مع ما رواه عن الأئمة الأعلام من تسليمهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما مروا بقبره الشريف، وكانوا يذهبون إليه كلما هموا بسفر، أو أقبلوا من سفر.
الجواب عنه أن نقول:
أولا: لا عجب فيما ذكرت؛ لأن استنكار ذلك هو الحق، فإن زيارة الروضة للتبرك والتيمن مقصد شركي بدعي، لم يشرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما شرع زيارتها للصلاة فيها وعبادة الله فيها.
ثانيا: وأما قوله: إن الأئمة الأعلام يسلمون على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما مروا بقبره أو هموا بسفر، فهو قول لا أصل له ولا دليل عليه، ولم يروه الشيخ عنهم، وإنما روي عنهم خلافه، وهو أنهم لم يكونوا يترددون على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما دخلوا المسجد؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك فقال: «لا تتخذوا قبري عيدا (١)» أي لا تترددوا عليه وتجتمعوا حوله، وإنما كانوا يسلمون عليه إذا قدموا من سفر، كما كان ابن عمر يفعل ذلك إذا قدم من سفر، ولا يزيد على قوله: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبي، ثم ينصرف، ثم ما علاقة التسليم على الرسول بالروضة؟ لأن الروضة في المسجد، وقبر الرسول كان خارج مسجده في عهد الصحابة - رضي الله عنهم -.
(ز) وقوله: وبعد: فإننا نقرر أن التبرك بزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مستحسن، وليس التبرك الذي نقصده عبادة أو قريبا منها، إنما التبرك هو التذكر والاعتبار والاستبصار.
والجواب عن ذلك أن نقول: أولا التبرك بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من البقاع والأشجار والأحجار أمر مستقبح وليس مستحسنا إلا عند الجهال والقبوريين، وهو شرك بالله لكونه تعلقا على غير الله،
(١) سنن أبو داود المناسك (٢٠٤٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٦٧).