ولهذا فلا مفر من الالتزام بما ورد في الكتاب والسنة على أساس أنها حقائق موضوعية لا يجسر أحد على نكرانها، وذلك لثباتها؛ ولأنها موجودة وقائمة بالفعل، ولأن الرسل جميعا - عليهم السلام - قد كلفوا بحمل أمانة تبليغها إلى العالمين، ومن ثم فإنها تعد جزءا بالغ الأهمية من الرسالة التي قاموا بإبلاغها.
وفي هذا الصدد يقول ابن قيم الجوزية: والعلم بمجيء الرسول بذلك يقصد الصفات والأسماء التي وصف الله بها نفسه، ووصفه به رسوله، وإخباره عن ربه إن لم يكن فوق العلم بوجوب الصلاة والصيام، والحج والزكاة، وتحريم الظلم والفواحش والكذب، فليس يقصر عنه، فالعلم الضروري حاصل بأن الرسول أخبر عن الله بذلك وفرض على الأمة تصديقه فيه، فرضا لا يتم أصل الإيمان إلا به. .
ومعنى هذا: أن ابن القيم يقرر أن إثبات الصفات للخالق قضية مفروغ منها، وهي قائمة على أساس علمي ضروري، لا يحتمل الشك فيه، أو الجدل حوله، أو حتى قبول بعضه، وترك بعضه الآخر، أما ذلك الأساس اليقيني فقد بين ابن القيم فيما سبق أنه مبني على الحقائق أو القواعد الآتية:
أولا: إننا نعلم علم اليقين أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد جاء مخبرا عن هذه الصفات الإلهية تماما مثل علمنا اليقيني بما جاء به من أحكام، وأوصاف تتعلق بالصلاة والزكاة والصيام والحج، هذا إن لم يزد عليها.