والأفكار والتصورات والمقاييس البشرية والكونية؛ لأنه خالقها ومبدعها.
ومن ثم فقد كان منهج الصحابة - رضوان الله عليهم - ومن تبعهم هو فهم النصوص التي قد يظن منها التشابه في ضوء النصوص المحكمة؛ ولهذا فلا يوجد لديهم ما يدعيه بعضهم من تناقض بين النصوص المحكمة والمتشابهة، أو كما يقول ابن القيم:
(وأما طريقة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث كالشافعي والإمام أحمد ومالك وأبي حنيفة وأبي يوسف والبخاري وإسحاق فعكس هذا الطريق - يقصد أولئك الذين يعارضون المحكم بالمتشابه ويردون المحكم بالمتشابه، أو يستخرجون من المحكم أوصافا متشابهة ليردوا بها المحكم، وهي أنهم يردون المتشابه إلى المحكم، ويأخذون من المحكم ما يفسر لهم المتشابه ويبينه لهم، فتتفق دلالته مع دلالة المحكم، وتوافق النصوص بعضها بعضا، ويصدق بعضها بعضا، فإنها كلها من عند الله، وما كان من عند الله فلا اختلاف فيه ولا تناقض، وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره)(١).
ويتفرع على هاتين القاعدتين ما يأتي:
- أن البحث عن تجريد الصفات الإلهية أو فهم كيفياتها ليس عملا مفيدا أو مجديا؛ لأن هذا الفهم - أو بعبارة أخرى هذا المسلك - يعد غير داخل في نطاق القدرة البشرية؛ نظرا لما أشرنا إليه من أن ثمة حدودا قاطعة فاصلة بين الله وبين البشر؛ لأن الله ليس كمثله شيء.
- وكذلك فإن البحث عن مخرج لما ورد من ألفاظ وعبارات موهمة للتشبيه عن طريق التأويل يعد بحثا لا مبرر له إذن، وليس ثمة أي داع يدعو إليه، طالما أننا وثقنا بما جاء في هذه النصوص وآمنا به،