للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن العقاد يعني بما قدم: أن إنسانية الإسلام وعالمية تشريعه الحكيم هي التي ساعدت على انتشار اللغة العربية التي هي لغة كتابه " القرآن " الذي وحد في المؤمنين به " مقاصد " الضمائر والألسنة والأفكار، على الرغم من اختلافهم في مواقع البلاد. .

ويقول الدكتور حسين نصار في " المعجم العربي " لم تنهر اللغة العربية بانهيار الدولة الأموية وذلك بفضل القرآن الذي أحاط اللغة العربية بهالة من القداسة والجلال غمرت كل مسلم مهما كان جنسه ومهما كانت لغته، فاستمرت حية تتوارثها ألسنة جيل بعد جيل. وأن السبب المباشر الذي أظهر الدراسات اللغوية هو ارتباطها بالدراسات الدينية، واتحادها في النشأة. . . فقد أنزل القرآن كتاب العربية الأعظم على الرسول العربي الكريم ليدعو قومه إلى سبيل الرشاد فكان بلغتهم وعلى أساليب كلامهم.

وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم الصحابة من بعده المرجع في تفسير القرآن، ثم جاءت الحركة العلمية الأولى عند المسلمين التي شملت في مدة وجيزة جميع العلوم التي عرفها العالم القديم، فما اتصل بالقرآن كان أولها ظهورا حيث ظهرت كتب (غريب الحديث) وكان آخر الظواهر التي أمدت الدراسات اللغوية بالروافد ظاهرة التدوين العلمي حيث وضعت معظم العلوم العربية في أواخر العصر الأموي وأوائل العهد العباسي: كعلوم القرآن والحديث والفقه والنحو والرياضة والمنطق والكلام والفلسفة إلخ. . ".

ويقول الأستاذ سيد قطب في كتابه " المستقبل لهذا الدين ": إن انتصار الصليبين في الأندلس وانتصار اليهود في فلسطين. . أعظم شاهد على أنه حين يطرد الإسلام من أرض، فإنه لا تبقى لغته ولا قوميته بعد اقتلاع الجذر الأصيل).

ويقول أيضا: " إن المماليك - وهم من جنس التتار - حموا من التتار بلاد العرب، مع أنهم ليسوا من جنس العرب، فصمدوا في وجه بني جنسهم المهاجمين دفاعا عن الإسلام، لأنهم كانوا مسلمين. . صمدوا بإيحاء من العقيدة الإسلامية، وبقيادة روحية إسلامية من الإمام المسلم (ابن تيمية) الذي قاد التعبئة الروحية وقاتل في مقدمة الصفوف. . وكذلك حمى صلاح الدين الأيوبي هذه البقعة من اندثار العروبة والعرب واللغة العربية وهو كردي لا عربي. . وهو إنما حفظ لها عروبتها ولغتها حين حفظ لها إسلامها من غارة الصليبيين، لقد كان الإسلام في ضمير صلاح الدين هو الذي كافح الصليبيين، كما كان الإسلام في ضمير المظفر قظز والظاهر بيبرس والملك الناصر هو الذي كافح التتار المتبربرين ".