للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فلما اطلع شيخ الإسلام على أحوالي أوصاني بقراءة السيرة النبوية؛ فإنها الوصفة الكافية الشافية من جميع أمراض القلوب (١).

أقول: وهل تعني السيرة النبوية إلا سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهل السنة إلا تفسير لكتاب الله؟ فتبين بذلك أن شيخ الإسلام أوضح للواسطي ولغيره أنه لا نجاة للأمة الإسلامية من جميع أمراضها إلا في اتباع كتاب الله وسنة رسوله، وهذا عين تجديد معالم الدين ودعوة الرجوع إلى الكتاب والسنة (٢) وقد اعترف الشيخ ولي الله الدهلوي لشيخ الإسلام بجميع تلك المزايا والأوصاف التي أهلته ليكون مجددا لمعالم الدين ومحييا للكتاب والسنة.

فقد قال - رحمه الله -:

(وعلى هذا الأصل اعتقدنا في شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - فإنا قد تحققنا من حاله أنه عالم بكتاب الله ومعانيه اللغوية والشرعية، وحافظ لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآثار السلف، عارف لمعانيهما اللغوية والشرعية، أستاذ في النحو واللغة، محرر لمذهب الحنابلة وفروعه وأصوله، فائق في الذكاء، ذو لسان وبلاغة في الذب عن عقيدة أهل السنة، لم يؤثر عنه فسق ولا بدعة، اللهم إلا هذه الأمور التي ضيق عليه لأجلها، وليس شيء منها إلا ومعه دليله من الكتاب والسنة، فمثل هذا الشيخ عزيز الوجود في العلم، أو من يطيق أن يلحق شأوه في تحريره وحديثه، والذين ضيقوا عليه ما بلغوا معشار ما آتاه الله تعالى، وإن كان تضييقه ذلك ناشئا عن اجتهاد، ومشاجرة العلماء في مثل ذلك ما هي إلا كمشاجرة الصحابة - رضي الله عنهم - فيما بينهم، والواجب في ذلك كف اللسان إلا بخير (٣).


(١) انظر بحث الشيخ محمد داود الغزنوي بالأردية، ص ٢٣٣ - ٢٣٥.
(٢) انظر العقود الدرية، ص / ٣١١، ٣١٢.
(٣) انظر جلاء العينين في محاكمة الأحمدين، ص ٤٦.