للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتلاعبوا بالنصوص، فإذا كانت ثابتة بحيث لا يمكن ردها جعلوها من التشابه، وإلا بادروا إلى إنكارها.

ولكن الأشاعرة في نظره خير من المعتزلة ومن عداهم من سائر الفرق الأخرى؛ لأنهم يوافقون السلف في كثير من المسائل، كما أنهم ردوا على بدع المعتزلة والجهمية والرافضة، وبينوا كثيرا من تناقضاتهم وعظموا الحديث والسنة ومذهب الجماعة (١).

وقد تصدى لبيان اتجاهه المبني على الكتاب والسنة في العقيدة والأسماء والصفات والتمسك بالكتاب والسنة في مقدمة كتابه الحموية، وأوضح فكرته بكل تفصيل، ومما قال فيها: (من المحال أيضا أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علم أمته كل شيء حتى الخراءة، وقال: «تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك (٢)»، وقال فيما صح عنه أيضا، «ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم (٣)». .

وقال أبو ذر: «لقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما (٤)».

وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقاما، فذكر بدء الخلق، حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه، ونسيه من نسيه (٥)». رواه البخاري، محال مع هذا ومع تعليمهم كل شيء لهم فيه منفعة في الدين وإن دق، أن يترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم، ويعتقدون بقلوبهم في ربهم ومعبودهم، رب العالمين) إلى أن قال: (إن هؤلاء المبتدعة الذين يفضلون طريقة الخلف من المتفلسفة، ومن حذا حذوهم على طريق السلف، إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد


(١) انظر منهاج السنة ١/ ١٢٣.
(٢) سنن ابن ماجه المقدمة (٤٤).
(٣) صحيح مسلم الإمارة (١٨٤٤)، سنن النسائي البيعة (٤١٩١)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٥٦)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٩١).
(٤) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٥٣).
(٥) صحيح البخاري بدء الخلق (٣١٩٢)، سنن الترمذي المناقب (٣٩٥١)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٤٢٦).