من الكتاب والسنة حيثما أوجده، أو أن يكون شيخ الإسلام لم يكتمل فيه شروط الاجتهاد، ومن أهمها استيعاب القرآن والسنة، حتى خالف الأئمة الأربعة على غير بصيرة، وهذا لم يقله أحد، فترجيحه لرأي من الآراء حسب الدليل لا يعني ألبتة أنه مقلد للإمام الذي قال بذلك القول قبل شيخ الإسلام، أو أنه مجتهد منتسب من مجتهدي الحنابلة، فقد اختار من المسائل في الفقه بالدليل، ووافق ما وافق فيه من المسائل لأحد الأئمة الأربعة بالحجة والبرهان.
ومن هذا القبيل رأيه - رحمه الله - في يمين الطلاق، وفيمن طلق زوجته ثلاثا بلفظة واحدة، وكلامه في التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته.
فاختياراته في هذه المسائل وفي غيرها لم تكن إلا مدعمة بالأدلة الواضحة الصريحة من الكتاب والسنة، ولا يسع هذا المقام لذكر التفاصيل لتلك الاختيارات وأدلتها، ولكن الذي لا مرية فيه، أنه رحمه الله كان متبعا للدليل من الكتاب والسنة، وقد علمنا فيما مضى من هو شيخ الإسلام، وما مكانته في معرفة الكتاب والسنة، فإنه لم يشق غباره في هذا الأمر، ولم يكن شاذا في اختياراته؛ فقد قالها الصحابة والأئمة من قبله، فليرجع إلى كتبه - رحمه الله - والكتب الحديثية من أراد التفصيل والاطلاع على تلك الأدلة (١).