فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصعد النظر فيها وصوبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله، إن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: فهل عندك من شيء؟ فقال: لا والله يا رسول الله، فقال: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا؟ فذهب ثم رجع فقال: لا والله ما وجدت شيئا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انظر ولو خاتما من حديد، فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد، ولكن هذا إزاري فلها نصفه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تصنع بإزارك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء، فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موليا، فأمر به فدعي، فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا، قال: تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ قال: نعم، قال: اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن (١)».
هـ - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة، فقال: ما هذا؟ قال: يا رسول الله إني تزوجت امرأة من الأنصار، قال: كم سقت إليها؟ قال: زنة
(١) رواه البخاري (٩/ ١١٣)، ومسلم (١٤٢٥)، وأبو داود (٢١١١)، والترمذي (١١١٤) ومالك (١١٠٧) والنسائي (٦/ ١١٣) وابن ماجه (١٨٨٩) والبيهقي (٧/ ٨٥) والدارقطني (٣٩٣) كلهم في النكاح، وأحمد (٥/ ٣٣٠) والدارمي (٢/ ١٤٢). قال النووي في (شرح مسلم ٩/ ٢١٣): فيه دليل على أنه يستحب أن لا ينعقد النكاح إلا بصداق؛ لأنه أقطع للنزاع وأنفع للمرأة، من حيث إنه لو حصل طلاق قبل الدخول وجب نصف المسمى، فلو لم تكن تسمية لم يجب صداق، بل تجب المتعة، فلو عقد النكاح بلا صداق صح لقوله تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة فهذا تصريح بصحة النكاح والطلاق من غير مهر، وهل يجب المهر بالعقد أم بالدخول؟ فيه خلاف مشهور، وأصحهما الدخول، وهو ظاهر الآية. اهـ.