وهذا أمر أوضحه العلماء، وبينوه في كتبهم، وهو محل إجماع ووفاق بين أهل العلم، فينبغي لك يا عبد الله أن تكون على بصيرة، وألا تنخدع بقول الجاهلين والضالين من القبوريين وغيرهم، من عباد غير الله، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وجهلوا دين الله، حتى عبدوا مع الله غيره، ويزعمون أنهم بذلك ليسوا كافرين؛ لأنهم يقولون: لا إله إلا الله، وهم ينقضونها بأعمالهم وأقوالهم، وتعلم أيضا أن هاتين الشهادتين اللتين هما أصل الدين وأساس الملة ينتقضان في حق من أتى بناقض من نواقض الإسلام.
فلو أن هذا الرجل أو هذه المرأة شهدا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وصليا وصاما إلى غير ذلك من أعمال، لكنهما يقولان: إن الجنة ليست حقيقة، أو إن النار ليست حقيقة، فلا جنة ولا نار، بل كله كلام ما له حقيقة، فإنهما يكفران بذلك القول كفرا أكبر، بإجماع المسلمين.
ولو صلى وصام من قال ذلك وزعم أنه مسلم موحد لله، وترك الشرك، ولكنه يقول: إن الجنة أو النار ليستا حقا، ما هناك جنة ولا نار، أو قال: ما هناك ميزان، أو ما هناك قيامة، ما فيه يوم آخر، فإنه بذلك يصير مرتدا كافرا ضالا عند جميع المسلمين.
أو قال: إن الله ما يعلم الغيب، أو لا يعلم الأشياء على حقيقتها، فإنه يكفر بذلك؛ لكونه بهذا القول مكذبا لقول الله سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(١).
وما جاء في معناها من الآيات، ولأنه قد تنقص ربه سبحانه وتعالى، وسبه بهذا القول، وبهذا تعلم يا أخي أن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هي أصل الإيمان، وهي أساس الملة، ولكنها لا تعصم قائلها إذا أتى بناقض من نواقض الإسلام، بل لا بد من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.