إذا أردنا للمسجد أن يؤدي رسالته فلننظر إلى المثل الكامل والأسوة الحسنة، إن مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المثال الذي ينبغي أن نطمح إليه لكي يؤدي المسجد رسالته على الوجه المرضي، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إمامه وهو المثال الكامل والأسوة الحسنة للمؤمنين. وحتى تمكن المحاكاة ليتم الإقتداء، لا بد من إبراز الصورة من جميع جوانبها عن بنائه المتواضع وموقعه المناسب وإمامه.
ومن إمامه؟ إنه الرجل الأول في المجتمع والإنسان الكامل.
وأين كان يسكن؟ إنه بجوار المسجد. ثم التعليم للخير الذي كان مستمرا في أكثر الأوقات. ومن المسجد كان يعلن الجهاد وتدبر السرايا والغزوات، وكان - صلى الله عليه وسلم - يتفقد أصحابه فيسأل عن المتخلف فإن كان مصابا عزاه. وإن كان فقيرا واساه. وإن كان مريضا عاده. كان المسجد في الصدر الأول مركز القيادة ومجمع الأخيار والكبراء تجتمع فيه القلوب على الإيمان، والأبدان على العبادة، والعمل لصالح الفرد والجماعة، ولمنزلته هذه كان أول ما يقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفر يبدأ بالمسجد فيصلي فيه.
وما زال المسجد يحتفظ بالصدارة حتى تخلى عن تولي الإمامة والخطابة فيه الحكام والأمراء ووكل ذلك إلى من يستطيع القول ولا يستطيع الفعل. فقلت أهميته في قيادة الأمة وضعف تأثيره إذ صار مكان عبادة ودراسة وفتيا.