للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يرد من السنة في تكبير الافتتاح إلا بلفظ التكبير؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: «تحريمها التكبير (١)» ولم يشترط لذلك لفظ التكبير عند أبي حنيفة، فمن أين لزم في الشهادة؟ وجوابه عليه بقوله: قلنا الفرق معنوي، وهو أن لفظة الشهادة أقوى في إفادة تأكيد متعلقها من غيرها من الألفاظ كأعلم، وأتيقن، لما فيها من اقتضاء معنى المشاهدة والمعاينة التي مرجعها الحس، ولأنها من ألفاظ الحلف، فالامتناع مع ذكرها عن الكذب أظهر. وقد وقع الأمر بلفظ الشهادة في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} (٢)

وقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا رأيت مثل الشمس فاشهد»، فلزم لذلك لفظ الشهادة بخلاف التكبير فإنه التعظيم، وليس لفظ أكبر أبلغ من أجل وأعظم، فكانت الألفاظ سواء، فلم تثبت خصوصية توجب تعيين لفظ أكبر (اهـ.) (٣) فقد رد عليه الشيخ أحمد إبراهيم قائلا:

أقول: (إن عجيبا من مثل صاحب الفتح أن يقتنع بمثل هذا الكلام):

أولا: استدلاله بقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} (٤) وبقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا رأيت مثل الشمس فاشهد» على أن الأمر وقع بلفظ الشهادة، فكيف هذا وكل ما في الآية الكريمة هو الأمر بإقامة الشهادة لله، وليس في ذلك ما يستلزم أن يكون الأداء بلفظ مشتق من مادة (ش هـ د)، فضلا عن لفظ أشهد بخصوصه، فإقامة الشهادة قد تأتي بغير ذلك اللفظ، ولا أحسب أن هذا يخفى على مثل صاحب الفتح على جلالة قدره، ومتانة علمه، بل هو لا يخفى على من دونه بدرجات، والاستدلال بالحديث على ذلك أبعد من


(١) سنن أبي داود جـ ١ ص ٢٠٨، سنن الترمذي جـ ٢ ص ٣، سنن ابن ماجه جـ ١ ص ١٠١، قال الترمذي: هذا حديث حسن.
(٢) سورة الطلاق الآية ٢
(٣) شرح فتح القدير على الهداية جـ ٧ ص ٣٧٦.
(٤) سورة الطلاق الآية ٢