ثانيا: أن ذلك الفرق المعنوي بين لفظي الشهادة والتكبير ممنوع، كيف وذلك المعنى الذي يستفاد من تأدية الشهادة بلفظ أشهد يمكن أن يستفاد من مثل قول الشاهد:"رأيت ما أخبر به الآن بعيني التي في رأسي، وسمعت كلام المدعي عليه بأذني سمعا حقيقيا، وإني متأكد مما أقول، وأقسم بالله العظيم إني لصادق". فهل تقصر مثل هذه العبارة عن أن تؤدي المعنى المستفاد من لفظ أشهد أو هي تزيد عليه؟ على أنه كم شاهد يشعر بأن في قوله:"أشهد" معنى اليمين، بل هل ورد عن العرب أن لفظ أشهد يؤدي معنى الإخبار عن معاينة مع تضمنها القسم في آن واحد، فمن الذي ادعى هذا ممن يوثق بنقله من أئمة اللغة؟ فالمسألة في الحقيقة من قبيل المشترك اللفظي، وهل يتناول اللفظ المشترك في استعمال واحد معنييه معا أو جميع معانيه؟
ثالثا: أن التكبير جاء في الصلاة التي هي من العبادات، والشهادات جاءت في المعاملات، والأصل عند المحققين من أئمة الشريعة أن أحكام المعاملات معللة معقولة المعنى جملة وتفصيلا، بخلاف العبادات، فيا للعجب كيف يدخل الرأي والقياس في العبادات، وكيف يمتنع في المعاملات؟! على أنه من الذي يدرينا أن معنى أجل وأعظم أبلغ من معنى أكبر عند الشارع، أليس للشارع وحده أن يتعبدنا بما شاء، فمنه الأمر وعلينا الامتثال، ولا معنى للتعبد قليلا أو كثيرا، وما الذي يدرينا أن هذا الذي استنبطناه بالرأي يكون عبادة يرضاها الشارع منا؟ فالأسلم في جانب العبادة أن تكون بمعزل عن الرأي والقياس. وأما المعاملات الدنيوية فجانب المعنى فيها في