للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجتهد عما يخصص هذا العموم، ولا يكتفي بدلالة الصيغة في أصل الوضع (١).

- المناقشة:

اعترض على هذا الاستدلال بأن الشهود لم تثبت عدالتهم من قبل، وإلا لوجب على القاضي العمل بموجب شهادتهم من غير حاجة إلى تزكية، وأما العام فقد علمت دلالته على أفراده بأصل الوضع، فيعمل بتلك الدلالة حتى يرد ما يخالفها.

قال ابن حزم في الجواب عن هذا الاستدلال: " وهذا تشبيه فاسد؛ لأن الشاهدين لو صح عندنا قبل شهادتهما أنهما عدلان فهما على تلك الحالة، ولا يحل التوقف في شهادتهما، والغرض إنفاذ الحكم بها ساعة يشهدان، وكذلك ما أيقنا أنه خطاب الله تعالى أو خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا، وإنما يتوقف في الشاهدين إذا لم يعلمها " (٢).

وأيضا فإن الشهادة تفارق النقل والرواية من وجوه كثيرة؛ فإن رواية الواحد صحيحة يجب قبولها والعمل بها، بخلاف الشهادة فلا تصح من واحد (٣).

الدليل الثالث: أن السامع إذا سمع قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٤).

فإما أن يعتقد عموم الآية مباشرة حتى إنه يعتقد خلق صفة الكلام، والإرادة، والعلم، ونحوها من صفات الله عز وجل، وإما أن يتوقف حتى ينظر فيما يجوز دخوله تحت الآية فيدخله، وما لا يجوز إدخاله فيخرجه، والاحتمال الأول باطل، فيتعين الثاني، وإذا قلتم به فقد قلتم بوجوب البحث


(١) راجع العدة (٢/ ٥٢٨)، والأحكام لابن حزم (٣/ ٣٤٢)، والواضح (٢/ ٩٥).
(٢) الأحكام لابن حزم (٣/ ٣٤٢).
(٣) انظر في الفرق بين الرواية والشهادة كتاب الفروق للقرافي (١/ ١٠ - ٢٢).
(٤) سورة الزمر الآية ٦٢