للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للنسل، وطاقات المجتمع البشرية التي يحتاج إليها للبناء والتنمية، حتى إن بعض العلماء لا يرى أن تعدد الزوجات مجرد إباحة، وإنما هو مندوب إليه ومرغب فيه شرعا. قال ابن قدامة في معرض حديثه عن النكاح وأمر الله به وحث عليه: (ولأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج وبالغ في العدد وفعل ذلك أصحابه، ولا يشتغل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا بالأفضل، ولا تجتمع الصحابة على ترك الأفضل والاشتغال بالأدنى) (١) اهـ.

وأصدق دليل على فضل النكاح وتعدد الزوجات هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو خير هذه الأمة، وقد عدد زوجاته. روى البخاري بسنده عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟ قلت: لا. قال: فتزوج؛ فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء (٢).

قال ابن حجر في بيان معنى هذا الحديث: (قيل: المعنى: خير أمة محمد من كان أكثر نساء من غيره ممن يتساوى معه فيما عدا ذلك من الفضائل. والذي يظهر: أن مراد ابن عباس بالخير النبي صلى الله عليه وسلم وبالأمة أخصاء أصحابه، وكأنه أشار إلى أن ترك التزويج مرجوح؛ إذ لو كان راجحا ما آثر النبي صلى الله عليه وسلم غيره، وكان مع كونه أخشى الناس صلى الله عليه وسلم وأعلمهم به يكثر التزويج لمصلحة تبليغ الأحكام التي لا يطلع عليها الرجال) (٣) اهـ.

وقد قال ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه -: (لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، وأنا أعلم أني أموت في آخرها يوما، ولي طول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة) (٤).


(١) المغني (٦/ ٤٤٧). ط: الثالثة، أصدرتها دار المنار سنة ١٣٦٧هـ.
(٢) صحيح البخاري - كتاب النكاح، باب كثرة النساء، رقم الحديث ٥٠٦٩. فتح الباري (٩/ ١١٣).
(٣) فتح الباري (٩/ ١١٤).
(٤) المغني (٦/ ٤٤٦) ط: الثالثة، أصدرتها دار المنار، سنة ١٣٦٧هـ.