توقف الفتح: أن المسلمين في إحدى غزواتهم البحرية لجزيرة من جزر البحر الأبيض المتوسط غلوا، فنهاهم قائدهم وأنذرهم، إلا أنهم لم ينتهوا وأعرضوا عن النذر، فلما أبحرت بواخرهم عائدة بهم إلى قواعدهم في شمال أفريقية، بعث الله عليهم ريحا عاتية أغرقتهم مع ما حملوه من سحت حرام، لم ينج منهم غير قائدهم الذي سلم لأمانته، فأخبر عن مصير الذين يغلون في الغنائم، خلافا لتعاليم القرآن الكريم والسنة المطهرة وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا يسلمون الغنائم كاملة لقادتهم، حتى الإبرة والمخيط.
ومنذ توقف الفتح الإسلامي العظيم، لأن المسلمين غيروا ما بأنفسهم، حتى اليوم، جرت معارك دفاعية انتصر فيها المسلمون؛ لأن قادتهم خافوا الله فوهبهم النصر، يكفي أن أذكر من القادة المنتصرين: قاضي القضاة أسديرة الفرات فاتح صقلية وصلاح الدين الأيوبي الذي استعاد القدس من الصليبيين، وقطز قاهر التتار ومحمد الفاتح فاتح القسطنطينية.
إن كل القادة الذين نجحوا في صد المعتدين أو أضافوا فتحا جديدا على الفتوحات الإسلامية، كانوا متدينين إلى أبعد الحدود، وكانوا أمثلة شخصية لرجالهم في التدين والاستقامة والعمل الصالح.
وخبا نور المسجد بعد تفسخ المسلمين، ولكن بقي شيء من نوره يشع قليلا، كالذي يعالج سكرات الموت، حتى غزا أعداء المسلمين بلاد المسلمين في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي، فأجهز الاستعمار على بقية النور في محاولة طمسه إلى الأبد.
ولكن الله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.