لست بحاجة إلى أن أنوه بأهمية العسكريين ضباط وضباط صف وجنود ومراتب أخرى، لأن بيدهم القوة الضاربة، وصلاحهم صلاح للأمة، وفسادهم فساد لبلادهم.
لذلك ركز الاستعمار وساعدت الأيدي الخفية من ماسونية وصهيونية على العسكريين بخاصة، وعملت على تربيتهم تربية فاسدة.
كانت الكليات العسكرية وكليات الأركان العربية الإسلامية تدرس تاريخ حرب المستعمرين، وتدرس تاريخ القادة الذين استعمروا بلاد العرب والمسلمين بأسلوب يجعل الطلاب يؤمنون بتفوق المستعمرين، وبضرورة الاقتداء بهم منهاجا وتصرفا.
وكان الطلاب العسكريون يتخرجون ضباطا وهم يعرفون عن (الجنرال مود) و (الجنرال اللنبي) أكثر مما يعرفونه عن الرسول القائد - عليه أفضل الصلاة والسلام - وعن خالد بن الوليد.
وكان أكثرهم لا يعرفون عن قادة الفتح الإسلامي شيئا مذكورا، ومن المذهل أن نسأل الضابط العربي المسلم عن اسم القائد العربي المسلم الذي فتح مدينته ونشر فيها العربية لغة والإسلام دينا، فلا يعرف هذا الضابط لهذا السؤال جوابا.
كما يدرس في الكليات العسكرية وكليات الأركان، الفكر الغربي للسائرين بفلك الغرب، والفكر الشرقي للسائرين بالفلك الشرقي، من الناحيتين التعبوية (التكتيكية) والسوقية (الاستراتيجية)، وقد تكون الأفكار الشرقية الغربية هذه لا تلائم الطبيعة العربية والإسلامية، وقد تكون على طرفي نقيض من هذه الطبيعة.
أما الفكر العسكري العربي والإسلامي فغائب عن تلك الكليات.
أما التدريب العسكري فهو تدريب شرقي أو غربي، ولا دخل للتدريب النابع من فكرنا وطبيعتنا في تدريب الطلاب العرب والمسلمين.
وما يقال عن التنظيم والتسليح، يقال عن التدريب العسكري.
كل هذا التعليم والتدريب، يدرس بلغة عربية ركيكة، تشيع فيها المصطلحات الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والتركية، وحتى الروسية أيضا، تأكيدا للاستعمار الفكري البغيض.