للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء! " (١).

قلت: لما قرأت هذا الخبر تذكرت قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في صفة الطائفة المنصورة: «لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم (٢)». . ".

وكان الإمام أحمد بن حنبل يرفض التزلف تحت أعتاب السلطان، ويرفض عطايا الولاة بنفس أبية عزيزة، فقد قال إسحاق بن موسى الأنصاري: "دفع إلي المأمون مالا فقال: اقسمه على أصحاب الحديث فإن فيهم ضعفا. فما بقي أحد إلا أخذ، إلا أحمد بن حنبل فإنه أبى " (٣).

بل كان رحمه الله يغضب على أولاده حينما يقبلون جوائز الأمراء، فقد ذكر أحمد بن محمد التستري: " أن أحمد بن حنبل أتى عليه ثلاثة أيام ما طعم فيها، فبعث إلى صديق له، فاقترض منه دقيقا، فجهزوه بسرعة، فقال: كيف ذا؟! قالوا: تنور صالح مسجر فخبزنا فيه، فقال: ارفعوا، وأمر بسد باب بينه وبين صالح " (٤).

قال الحافظ الذهبي: لكونه أخذ جائزة المتوكل.

قلت: والأمثلة على رد الإمام أحمد جوائز الخلفاء كثيرة؛ وذلك لأنه آثر الباقية على الفانية، فقد قال صالح بن أحمد: "قلت لأبي: إن أحمد الدورقي أعطي ألف دينار، فقال: يا بني {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (٥) (سورة طه: آية ١٣١).


(١) النبلاء (١١/ ٣٢٥).
(٢) أخرجه من حديث معاوية رضي الله عنه: أحمد (٤/ ٩٣ و٩٧ و٩٩ و١٠١) والبخاري (١٣/ ٢٩٣) رقم (٧٣١٢) ومسلم (٣/ ١٥٢٤) وابن ماجه (١/ ٥). وأخرجه من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: أحمد (٤/ ٢٤٤ و ٢٤٨ و ٢٥٢) والدارمي (٢/ ١٣٢) رقم (٢٤٣٧) والبخاري (٦/ ٦٣٢) و (١٣/ ٢٩٣) ومسلم (٣/ ١٥٢٣) والطبراني في المعجم الكبير (٢٠/ ٤٠٢ و٤٠٣). والحديث رواه أيضا جمع كثير من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. ولهذا عده شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من الأحاديث المتواترة. انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٦٩) ت. العقل.
(٣) الحلية (٩/ ١٨١) وتاريخ دمشق (٧/ ٢٦٤).
(٤) النبلاء (١١/ ٢١٤).
(٥) سورة طه الآية ١٣١