للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يدلك على أن الترمذي أخذ هذا الاصطلاح عن الإمام البخاري: أنه نقل عنه في جامعه تحسين بعض الأحاديث، ومنها حديث: «من زرع في أرض قوم بغير إذنه، فليس له من الزرع شيء وله نفقته (١)» قال البخاري: هذا حديث حسن.

وكذلك جاء ذكر الحديث الحسن عند الحافظ: أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى (٢).

وبهذا يتبين: أن الإمام الترمذي مسبوق في هذا الاصطلاح. ولكن لا شك بأن الإمام الترمذي هو الذي نشر هذا التقسيم ونوه به، قال الحافظ ابن الصلاح: " كتاب أبي عيسى الترمذي رحمه الله أصل في معرفة الحديث الحسن، وهو الذي نوه باسمه وأكثر من ذكره في جامعه، ويوجد في متفرقات من كلام مشايخه والطبقة التي قبله. كأحمد بن حنبل والبخاري " (٣).

الوقفة الثانية: هل كان الإمام أحمد بن حنبل يقصد بالحديث الضعيف: الحديث الحسن؟! هذا أمر لا يسلم به؛ لأن الإمام أحمد يحتج بالحديث المرسل كما نص على ذلك ابن القيم، والمرسل كما هو معلوم: نوع من أنواع الحديث الضعيف! ثم لو كان الإمام أحمد يقصد بالحديث الضعيف: "الحديث الحسن" للزم من كلام ابن القيم أن الإمام أحمد يقدم قول الصحابي على الحديث الحسن - على حسب ما قرره ابن القيم في ترتيب الأصول التي اعتمد عليها أحمد - وهذا مما لم يقله أحد من أهل العلم.

لكن مع هذا لا شك في أن الإمام أحمد بن حنبل لا يقصد بالحديث


(١) سنن الترمذي الأحكام (١٣٦٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٠٣)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٦٦)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٤١).
(٢) انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب الحنبلي (ص٢٠٣).
(٣) مقدمة ابن الصلاح (ص٣٢). وانظر: شرح علل الترمذي لابن رجب (ص٢٠٣).