للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسانيد عموما، لكي تتضح لنا الصورة.

يقول الحافظ ابن الصلاح: "فهذه عادتهم - أي: أصحاب المسانيد - أن يخرجوا في مسند كل صحابي ما رووه من حديثه، غير متقيدين بأن يكون حديثا محتجا به" (١).

ويقول النووي: "وأما مسند أحمد بن حنبل، وأبي داود الطيالسي، وغيرهما من المسانيد، فلا تلتحق بالأصول الخمسة، وما أشبهها في الاحتجاج بها، والركون إلى ما فيها" (٢).

ويعلل السيوطي ذلك بقوله: "لأن المصنف على الأبواب إنما يورد أصح ما فيه ليصلح للاحتجاج" (٣).

وقال العراقي في ألفيته:

"

ودونها في رتبة ما جعلا ... على المسانيد فيدعى الجفلا

كمسند الطيالسي وأحمدا ... وعده الدارمي انتقدا

" (٤).

ويقول السخاوي في شرحه لهذه الأبيات: "ودونها في رتبة، أي: رتبة الاحتجاج الذي هو أصل بقية المبوبين، ما جعلا على المسانيد التي موضوعها جعل حديث كل صحابي على حدة، من غير تقييد بالمحتج به" (٥).

والخلاصة في ذلك: أن أهل المسانيد عموما لا يشترطون الرواية عن من يحتج به فقط، بل يروون حديث من لا يحتج به أيضا.

والآن أعود لمسند الإمام أحمد فأقول: هل هذا هو شرط الإمام أحمد في مسنده؟ وللإجابة على هذا السؤال أقول: إن هذا ليس على إطلاقه، بل ثبت لدينا أن الإمام أحمد قام بتنقيح المسند من كثير من الرجال الذين


(١) مقدمة ابن الصلاح (ص٣٥).
(٢) تقريب النووي مع شرحه تدريب الراوي (١/ ١٧٠ - ١٧٢).
(٣) تدريب الراوي للسيوطي (١/ ١٧٢).
(٤) فتح المغيث شرح ألفية الحديث (١/ ٦٣).
(٥) فتح المغيث (١/ ٨٧).