للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وهذا غير مسلم به لأبي موسى المديني، حيث إن مسند الإمام أحمد يحتوي على عدد لا بأس به من الأحاديث الضعيفة، وقد عمل الشيخ أحمد شاكر إحصاء لعدد الأحاديث الصحيحة والضعيفة، بلغت في نهاية تحقيقه للمجلد الخامس عشر: (٧٢٤٦) حديثا صحيحا وحسنا، و (٨٥٣) حديثا ضعيفا (١).

وقد ناقش الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى رأي المديني بشيء من التفصيل، في معرض الرد على من قال بأن كل ما سكت عنه أحمد في المسند فهو صحيح عنده، فقال رحمه الله تعالى: "فإن هذه المقدمة لا مستند لها البتة، بل أهل الحديث كلهم على خلافها. والإمام أحمد لم يشترط في مسنده الصحيح ولا التزمه. وفي مسنده عدة أحاديث سئل هو عنها فضعفها بعينها وأنكرها كما روى حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة يرفعه: «إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام حتى يكون رمضان (٢)».

وقال حرب: سمعت أحمد يقول: هذا حديث منكر، ولم يحدث العلاء بحديث أنكر من هذا. وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث به" ثم ساق ابن القيم أمثلة كثيرة من هذا النوع، إلى أن قال: "وهذا باب واسع لو تتبعناه لجاء كتابا كبيرا، والمقصود أنه ليس كل ما رواه وسكت عنه يكون صحيحا عنده، حتى لو كان صحيحا عنده وخالفه غيره في تصحيحه لم يكن قوله حجة على نظيره. وبهذا يعرف وهم الحافظ أبي موسى المديني في قوله: إن ما خرجه الإمام أحمد في مسنده فهو صحيح عنده. فإن أحمد لم يقل ذلك قط ولا قال ما يدل عليه، بل قال ما يدل على خلاف ذلك" (٣).


(١) انظر: المسند (١٥/ ٢٤٧) ت. أحمد شاكر.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند (٢/ ٤٤٢).
(٣) الفروسية لابن القيم (ص٦٤ - ٦٩).