للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها، وتحريمها ثابت في كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وإجماع السلف الصالح، وليس هذا محل تفصيله.

وقد رتب الله سبحانه وتعالى عليها حد قطع اليد؛ مما يدل على أن فاعلها قد ارتكب كبيرة من الكبائر، وفعل جرما؛ فقال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (١).

فقد نصت هذه الآية الكريمة على أن عقوبة السارق قطع يده، ولا خلاف بين الفقهاء ممن يعتد بقولهم في أن المراد بالقطع في الآية الكريمة {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (٢) هو إبانة اليد وإزالتها؛ لأن لفظ القطع موضوع لها حقيقة لتبادرها منه، والتبادر إمارة الحقيقة كما هو مقرر عند علماء اللغة:

قال ابن منظور في كتابه لسان العرب (٣) (القطع إبانة بعض أجزاء الجسم من بعض فصلا، والقطع مصدر قطعت الحبل قطعا، والأقطع المقطوع اليد، ويد قطعاء أي مقطوعة).

والأحاديث الشريفة والآثار الصحيحة تؤيد هذا المعنى وتدل عليه، وليس هذا مكان ذكرها.

والآن نأتي إلى الحكمة من قطع يد السارق، فنقول: إن مما لا شك فيه أن قطع اليد في السرقة عقوبة لها أثرها في القضاء على هذه الجريمة.

والشريعة الإسلامية المحكمة تهدف من وراء ذلك إلى حماية الجماعة وحفظها حتى تقضي قضاء تاما على خطر يهدد الناس في أموالهم، وما يتبع ذلك من ترويع وإذلال. فلقد أحكم الشارع الحكيم وجوه الزجر الرادعة عن هذه الجناية وشرعها على أكمل الوجوه، مع عدم مجاوزة


(١) سورة المائدة الآية ٣٨
(٢) سورة المائدة الآية ٣٨
(٣) انظر لسان العرب، جزء (١٠)، ص ١٤٩.