عقابه قطع راتبه شهرا أو أقل أو أكثر، أو الرفث في بعض الأوقات، فيكون الضرر أعظم كما لا يخفى، وهلم جرا من الأعمال التي يعانيها الإنسان في سبيل الكسب، والتي يعرض لأجلها روحه على الموت، والتي تدعو أرباب الأعمال في كثير من الأحايين إلى الإضراب عن العمل وتوقف الحركة، فيختل النظام ويجرد الحسام كما هو واقع في الشرق والغرب.
ثانيا: أن هذه الأموال التي يكتسبها الإنسان بالكد والكدح تصرف إما للقوت، وهو قوام الحياة، وإما على الملبس وعليه وقاية الجسد. وإما لإعانة الفقراء والمساكين وأبناء السبيل، واليتامى، والمرضى، وذوي البيوتات التي لا يحصى عددها، الذين أضنى عليهم الدهر. وقل ما شئت في وجوه الصرف التي لا يحصى عددها، والتي عليها قوام الحياة، ونظام هذا الكون.
فيجتهد الإنسان هذا الاجتهاد في الكسب لهذه الأغراض الشريفة، ثم يأتي اللص فيسلبه ثمرة أتعابه سلبا هو في الحقيقة تقويض لدعائم العمران والأمن العام للأسباب التي سلفت.
ثالثا: إن اللص قد يسرق سلبا ونهبا بالإغارة على الناس وهم آمنون في ديارهم، فيزعجهم ويقلق راحتهم، وربما أدت الحالة إلى إراقة الدماء فتذهب الأرواح وتيتم الأطفال وترمل النساء، كما هو الحال في بلاد الأرياف وبعض المدن.
رابعا: إن السارق إذا تعود السرقة مالت نفسه إلى الكسل والبطالة، فتتعطل حركة الأعمال ويحل بالعالم النكال والوبال، ويأكل الناس بعضهم بعضا لجلب ما يحتاجون إليه من ضرورات الحياة.
إذا عرفت هذا عرفت أن اللص عضو فاسد في جسم الأمة يجب تلافي شره.
ومن حكمة الشارع أنه جعل العقوبة على الجارحة التي استعان بها على السرقة، وهي اليد التي تناول بها المسروق، والرجل التي سعى بها