للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليسرق، فإذا ما شاهد الناس سارقا أو سارقة في الطريق بهذا الشكل ارتعدت فرائصهم من لفظ سرق - يسرق - سارق - مسروق، فضلا عن مباشرة السرقة فعلا، ولنام الناس في بيوتهم وهي مفتحة الأبواب، وكذا خزائن الأموال، ولا حارس لهم إلا عدل هذا الشارع الحكيم، ولخلت السجون من اللصوص، ولما احتاجت الحكومات إلى إتعاب الفكر في إيجاد أنجع الطرق والوسائل التي تقطع دابر اللصوص، ولما احتاجت للجند والشرطة اللهم إلا لعدو في الحرب أو طارق، لا للص وسارق.

والحكمة في قطع الرجل عند العودة، والحبس إذا تكررت السرقة من السارق، هو أن الإبقاء على اليد والرجل يمكنه الارتزاق بقدر الإمكان، فلا يكون عولا على الناس؛ إذ المراد من القطع هو لأجل الاتعاظ والعقوبة، أما العقوبة فقد حصلت، وأما الاتعاظ فهو يحصل بالقطع إذا رأوه الناس) (١).

وعن أهمية قطع يد السارق وتنفيذ هذه العقوبة حسبما أمر به الشرع يقول عبد القادر عودة ما نصه:

(ثانيا: القطع - أساس القطع: الأصل في القطع قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} (٢).

وعقوبة القطع لا يجوز العفو عنها لا من المجني عليه ولا من رئيس الدولة، ولا يجوز أن تستبدل بها عقوبة أخرى أخف منها، والأصل في ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تجافوا العقوبة فيما بينكم، فإذا انتهى بها إلى الإمام فلا عفا الله عنه إن عفا». كذلك لا يجوز تأخير تنفيذ


(١) انظر كتاب حكمة التشريع وفلسفته - الجزء الثاني من صفحة ٢٩٥ - ٢٩٩، الطبعة الرابعة.
(٢) سورة المائدة الآية ٣٨