جرائم الاعتداء على الأموال هي ما جاء في شرح مسلم للنووي: قال القاضي عياض رضي الله عنه: (صان الله الأموال بإيجاب القطع على السارق، ولم يجعل ذلك في غير السرقة كالاختلاس والانتهاب والغصب؛ لأن ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة، ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستدعاء إلى ولاة الأمور، وتسهل إقامة البينة عليه بخلاف السرقة؛ فإنها تندر إقامة البينة عليها، فعظم أمرها واشتدت عقوبتها؛ ليكون أبلغ في الزجر عنها)(١).
ويقول أحمد الحصري:(وقد أجمع المسلمون على وجوب قطع يد السارق دون نكير ممن يعتد بآرائهم وأفكارهم).
المعقول: قال الشافعية: المال من أهم دعائم الحياة فيجب الحفاظ عليه من أن تعبث به أيدي اللصوص، ويجب أن يأمن الناس على أموالهم حتى تستقر أمورهم وتنتظم حياتهم، ولقد وردت السنة تفيد وتؤكد وجوب الدفاع عن المال واعتبار من يموت دفاعا عن ماله أنه مات في سبيل الله.
ولهذا كان لا بد للشارع الحكيم من أن يشرع من العقوبات ما يحفظ بها المال من الضياع ويؤمن أصحاب الأموال على أموالهم حتى تسير أمور المسلمين على خير حال، فكانت عقوبة السرقة عقوبة رادعة زاجرة مؤكدة تصميم الشارع على عدم ترك العابثين يعبثون دون ردع وزجر، فكانت العقوبة هي قطع اليد الآثمة السارقة.
وقد حاول الزنادقة والمغرضون من أعداء الإسلام التشكيك على الشريعة في الفرق بين دية اليد إذا اعتدي عليها من إنسان، وبين وجوب قطعها عقوبة على سرقة دراهم معدودة، فقال أبو العلاء المعري:
يد بخمس مئين عسجد وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار
وأجابه القاضي عبد الوهاب المالكي بقوله:
(١) فقه السنة، جـ ٢، نشر دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، ص ٤٨٥.