للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن فعل شيئا من ذلك فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له (١)». . . الحديث ومثل ما رواه مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه من حديث المرأة الجهنية التي قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر في شأنها: «إنها تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم (٢)» ومثل نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن شتم المحدود حينما قالوا: أخزاك الله. فقال لهم رسول الهدى والرحمة: «لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان (٣)» رواه البخاري.

ويظهر والله أعلم أن الحدود تعتبر زواجر وجوابر في وقت واحد: فمن النفوس من لا يرتدع إلا بالعقوبة، ومنها من لا تؤثر فيه العقوبة أبلغ من تأثير الوعد الحسن، ولذلك نستطيع أن نقول: إن الحدود شرعت للغايتين الآتيتين:

أ - تزجر الناس وتردعهم عن اقتحام الجرائم، والنفس البشرية مجبولة على الابتعاد عن الإيلام والإيجاع. فإذا عرفت أن مقارفة الجريمة ستفضي إلى نزول العقوبة بها، كفت عن الإجرام.

ب - وهي أيضا تجبر ما ينثلم من دين المرء الذي اقتحم المعصية ثم عوقب عليها بالحد في الدنيا، لكن هذه الغاية وهذا التكفير والجبر إنما تتحقق لمن تاب وندم على ما اقترف.

هذا قليل من كثير، بل نقطة من بحر فيما جاء في الحكمة والغاية من إقامة حد السرقة الذي شرعه أحكم الحاكمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. والله أعلم.


(١) رواه البخاري في باب الحدود كفارة، جـ ٨، ص ١٥ ورواه مسلم في باب الحدود كفارات لأهلها، جـ٥، ص ١٢٧.
(٢) في الحدود - في باب من اعترف على نفسه بالزنى من صحيح مسلم جـ (٥)، ص ١٢.
(٣) من حديث رواه البخاري في باب الضرب بالجريد والنعال، جـ ٨، ص ١٤.