للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يده قد قطعت، ويرى الآخرون ذلك ماثلا بين أعينهم، يكون ذلك مانعا قويا من الجريمة مهما كانت.

٣ - الجزاء الذي ذكره الله لا يتم إلا بالقطع، والنكال لا يتم إلا برؤية اليد المقطوعة.

٤ - في القطع إظهار السارق بين الملأ بمظهر ينبئ عن خسته ودنائته، وينفر المجتمع منه، وليعرف من يراه أنه مجرم، ومن ثم يحذر منه ومن أن يفعل مثل فعله، ويكون عبرة أمام غيره ممن تسول لهم نفوسهم ارتكاب هذا الذنب العظيم.

وعلى العموم فإن الحدود كما قال عنها بعض العلماء: إنما شرعت زواجر وروادع، بمعنى أن إقامتها تجعل الناس ينزجرون ويرتدعون عن الجرائم ويتجنبونها خشية أن تلحقهم تلك العقوبة، وربما استند هؤلاء العلماء إلى بعض النصوص المقترنة بذكر العلة أو حكمة التشريع؛ كقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (١). وكقوله تعالى في حد الحرابة: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (٢).

كما أن من العلماء من يرى أن الحدود جوابر، بمعنى أن من اقترف جريمة من جرائمها ثم أقيم عليه الحد، فإن إقامة الحد تعتبر كفارة لجريمته إذا تاب، ويستند هؤلاء أيضا إلى بعض النصوص الواردة في ذلك، مثل ما رواه البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال: «كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين


(١) سورة البقرة الآية ١٧٩
(٢) سورة المائدة الآية ٣٣