للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما ذلك إلا لتفريطهم، وإعراضهم عن الله، وتعديهم حدوده، ومقابلتهم نعمه بالكفران، وظلمهم عباده وإدبارهم عن طاعته.

فهؤلاء يجازيهم الله عز وجل بما يستحقون، وهذه الأمور العظيمة إذا تأملها صاحب العقل الصحيح، والفطرة السليمة، عرف أن المعاد حق، وعلم أن ما يدعيه الملحدون والشيوعيون والوثنيون وغيرهم ممن ينكرون الآخرة، ومعاد الأبدان، من أبطل الباطل، واتضح له أن دعواهم ساقطة، وأقوالهم زائفة.

وهكذا أصحاب النحل والدعوات المضللة، والأفكار الهدامة، كلها على هذا السبيل إذا تأملها ذو العقل الصحيح، والبصيرة النافذة، والفطرة السليمة، عرف بطلانها وعرف أدلة زيفها، من الكتاب والسنة المطهرة، ومن الكتب الصحيحة، فإنه سبحانه خلق الشواهد، وأقام الدلائل على الحق، من كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وبما أودع في العقول من فهم وإدراك، وبما خلق في هذه الدنيا من مخلوقات، وأوجد فيها من كائنات، تشهد له بالحكمة، وأنه الخلاق العليم، الرزاق الكريم، القادر على كل شيء، والمستحق لأن يعبد وحده لا شريك له.

والجدير بطالب العلم، أينما كان أن يقبل على كتاب الله وأن يجعل تدبره وتعقله، من أكبر همه، ومن أعظم شواغله، وأن تكون له العناية الكاملة بقراءته، وتدبر ما فيه من المعاني العظيمة، والبراهين الساطعة، على صحة ما جاءت به الرسل، وعلى صدق ما دل عليه الكتاب، وعلى بطلان ما يقوله أهل السوء، أينما كانوا وكيفما كانوا.

ومن تدبر القرآن طالبا للهدى أعزه الله، ونصره وبلغه مناه، كما قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (١).

وقال عز وجل: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (٢).


(١) سورة الإسراء الآية ٩
(٢) سورة فصلت الآية ٤٤