الدنيا، كما فعل في أمم كثيرة، وقد يؤجل ذلك للمظلومين والظالمين، ثم تعطى الحقوق في هذا اليوم العظيم، يوم القيامة الذي تشخص فيه الأبصار، وكل ذلك حق.
فالحكيم العليم القادر على كل شيء لا يفوت على المظلومين حقهم، ولهذا أخبرنا أن هناك بعثا ونشورا، وأن هناك جزاء وحسابا، وقد قامت على هذا الأدلة من القرآن والسنة، وإجماع الأمة، والعقول الصحيحة، والفطر السليمة، دلت على أنه لا بد من جزاء وحساب، وأن البعث حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، كل ذلك جاءت به الكتب السماوية، والسنة النبوية، وأجمع عليه المسلمون.
ومع ذلك فالفطرة السليمة، والعقول الصحيحة، تشهد بذلك، وأننا نشاهد ظالمين ومظلومين، لم يقتص من الظالمين للمظلومين، ولم تؤخذ منهم الحقوق، فلا بد لهم من يوم يحاسبون فيه، ويجازى فيه كل إنسان على ما قدم.
إننا نجد مؤمنين صالحين موفقين مجتهدين في سبيل الخير، لم ينالوا ما ناله غيرهم من أولئك الذين تعدوا حدود الله، وظلموا عباد الله، وهم مع هذا لديهم الأموال العظيمة، والقصور الشاهقة، والخدم والمتاع.
وجم غفير من الأخيار المتقين، محرومون لم ينالوا من هذا شيئا، فلا بد من موعد ولا بد من لقاء مع ربهم، يعطون فيه من المنازل العالية، والأجر العظيم، ويتكرم عليهم سبحانه بأنواع الفضل، جزاء صبرهم وأعمالهم الصالحة، فينالون الثواب الكبير، والمنازل العالية، والخير الجزيل، والإحسان العظيم، والقصور والجواري والخيرات التي لا تحصى، على ما فعلوا من خير، وعلى ما قدموا من عمل صالح، ويجازي سبحانه هؤلاء الظالمين المفرطين المعرضين، الذين ركنوا إلى الدنيا، وغرتهم شهواتها، وانساقوا وراء مفاتنها بما يستحقون من العذاب والنكال، وسوء المصير،