للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: قوله: (إلا أن يكون في طريق ضيق قاعدا أو واقفا) قال ابن منجا: لا بد أن يلحظ أن الطريق الضيق غير مملوك للواقف أو القاعد؛ لأنه إذا كان مملوكا لم يكن متعديا بوقوفه فيه، بل السائر هو المتعدي بسلوكه ملك غيره بغير إذنه. انتهى.

قال أبو محمد ابن حزم (١) رحمه الله (٢):

وأما المصطدمان راجلين أو على دابتين أو السفينتين يصطدمان، فروي عن الشعبي في السفينتين يصطدمان: لا ضمان في شيء من ذلك. وقال الشافعي: لا يجوز فيه إلا أحد قولين: إما أنه يضمن مدير السفينة نصف ما أصابت سفينته لغيره، أو أنه لا يضمن البتة إلا أن يكون قادرا على صرفها بنفسه أو بمن يطيعه فلا يفعل فيضمن. والقول قوله مع يمينه أنه ما قدر على صرفها وضمان الأموال إذا ضمن في ذمته وضمان النفوس على عاقلته، قال أبو محمد:: وقال بعض أصحابنا:: إذا اصطدمت السفينتان بغير قصد من ركابهما لكن بغلبة أو غفلة فلا ضمان في ذلك أصلا، فإن حملا سفينتيها على التصادم فهلكتا ضمن كل واحد نصف قيمة السفينة الأخرى لأنها هلكت من فعلها ومن فعل ركابها، وأما الفارسان يصطدمان فإن أبا حنيفة ومالكا والأوزاعي والحسن بن حيي قالوا: إن ماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر كاملة. وقال عثمان البتي وزفر والشافعي: على كل واحد منهما نصف دية صاحبه. وقال بعض أصحابنا بمثل قول الشافعي في ذلك، وكذلك أوجبوا إن هلكت الدابتان أو إحداهما فنصف قيمتها أيضا، وكذلك لو رموا بالمنجنيق فعاد الحجر على أحدهم فمات فإن الدية على عواقلهم وتسقط منها حصة المقتول؛ لأنه مات من فعله وفعل غيره قالوا: فلو صدم أحدهما فقط فمات المصدوم فديته


(١) ص ٥٠٢، ٥٠٣، ٥٠٤ من المحلى لابن حزم، طبع منير.
(٢) ابن حزم، المحلى، ج ١٢ ص (٢٨٣ ـ ٢٨٦) مكتبة الجمهورية العربية / ١٣٩١ هـ.