على عاقلة الصادم إن كان خطأ، وفي مال القاتل إن قتلت في العمد.
قال أبو محمد: والقول في ذلك، وبالله تعالى التوفيق، أن السفينتين إذا اصطدمتا بغلبة ريح أو غفلة فلا شيء في ذلك؛ لأنه لم يكن من الركبان في ذلك عمل أصلا ولم يكسبوا على أنفسهم شيئا وأموالهم وأموال عواقلهم محرمة إلا بنص أو إجماع، فإن كانوا تصادموا وحملوا وكل أهل سفينة غير عارفة بمكان الأخرى لكن في ظلمة لم يروا شيئا فهذه جناية والأموال مضمونة؛ لأنهم تولوا إفسادها وقال تعالى::::
{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}(١).
وأما الأنفس فعلى عواقلهم كلهم؛ لأنه قتل خطأ، وإن كانوا تعمدوا فالأموال مضمونة كما ذكرنا، وعلى من سلم منهم القود أو الدية كاملة، والقول في الفارسين أو الرجلين يصطدمان كذلك، وكذلك أيضا الرماة بالمنجنيق تقسم الدية عليه وعليهم، وتؤدي عاقلته وعاقلتهم ديته سواء، برهان ذلك: أنه في الخطأ قاتل نفسه مع من قتلها، وقد ذكرنا قبل أن في قاتل نفسه الدية بنص قول الله تعالى في قاتل الخطأ، فعم تعالى كل مقتول ولم يخص خطأ وما كان ربك نسيا.
قال أبو محمد: ثم نرجع إلى مسألتنا فنقول: أما قولهم في المصطدمين أن الميت مات منهما من فعل نفسه ومن فعل غيره فهو خطأ، والفعل إنما هو مباشرته الفاعل وما يفعله فيه، وهو لم يباشره بصدمة غيره في نفسه شيئا ولا يختلفون فيمن دفع ظالما إلى ظالم آخر ليقاتله فقتل أحدهما الآخر أن على القاتل منهما القود أو الدية، كلها إن فات القود ببعض العوارض وهو قد تسبب في موت نفسه بابتداء القتال كما تسبب في موت نفسه بالصدم، ولا فرق، وهذا تناقض منهم.
قال أبو محمد: وكذلك القول في المتصارعين، ولا فرق، وما أباح الله