ترابطت أطراف العالم بثقافاته، وتشابكت الطرق المؤدية لذلك، وتعددت الوسائل الحاملة لهذه الثقافات، وخلف كل ثقافة بعدا عميقا في الجذور العقدية، والمنطلقات الفكرية. وغالبها خلفه أيد نشطة تحركه وتعذيه، وتدفع في سبيله الشيء الكثير من جهد ومال ووقت وتخطيط.
أصبحت وسائل الثقافة الموجهة، متوفرة في كل صقع من الأرض، بل دخلت كل بيت في أنحاء المعمورة، حتى أكواخ الفقراء، ومضارب البادية، وحصون النساء المخدرات، لقد تسربت إلى كل مكان تحركها عوامل متعددة: من نفس وهوى وشيطان. . وشياطين الإنس أشد خطرا من شياطين الجن.
أصبحت وسائل الثقافة اليوم سلاحا ذا حدين في التوجيه والاهتمام، وهو إن روعي فجانب خير ومفيد. . وهذا لن يتأتى إلا بجهود مبذولة في التوجيه والإعداد، ومغالبة للنفس في العمل، وهو قليل في أرض الله الواسعة، إلا ما رحم ربي.
وجهود أخرى في المراقبة والحيطة. . وهذا الجانب المهم، مهما بذل فيه فإن له طرقا للإفلات يدركها المتمرسون فيه، والمدفوعون إلى ترويجه لأي هدف، وبأي مصلحة شخصية أو جماعية.
وعندما نجيل النظر، فإننا لا نجد شخصا لا يملك جهاز راديو، أو يحتفظ بجهاز للتسجيل، كما أن الأجهزة المرئية من تلفاز وفيديو، وغيرها قد سرت في المجتمعات الإسلامية سريان النار في الهشيم.
أما الصحف والثقافات المتعددة، المهتمة بالصورة المثيرة، والمعلومات التي تتلاعب بأوتار الحواس عند الشباب، وتثير العواطف والشهوات، فهي المصدر المحبب إليهم أخذا من قول الشاعر:
منعت شيئا فأكثرت الولوع به ... أحب شيء إلى الإنسان ما منعا
فكان لا بد من معرفة ذلك، ثم التعرف على السبل المعينة على حماية