فهم لا يرغبون في الحلال وإنما يدفعون بالمغريات، ويحببونها إلى النفوس لتأنس إليها، وترتاح لعملها بأساليب مختلفة، لتقع فيما حرم الله، وفيما نهى عنه شرعه الذي شرعه لعباده، والتماس الأعذار والتسويفات لإماتة القلوب، حتى لا تبتئس بما تعمل، ويقل إحساسها عما فعلته، ومن ذلك قولهم بأن الموسيقى تفيد في علاج بعض المرضى، وتعين النساء على تسهيل الولادة وغير هذا مما نسمعه ونقرؤه في بحوث، يلمس منها تحليل ما حرم الله من الشهوات وتهوين عقابها. ولا شك أن النفوس قد حبب إليها كل شي ممنوع، ويكون لطعمه مذاق خاص، إذا تعاون على ترغيبه في النفس الأعداء الثلاثة: النفس الأمارة بالسوء، والهوى الذي يعمي ويصم، والشيطان الذي نذر نفسه لإغواء الإنسان، وإبعاده عن طريق الرشاد والفلاح. وأعوان الشيطان من الإنس أشد خطرا من جنوده من الجن، لأن الجن يطردهم تكرار ذكر الله، أما الإنس فلا بد من مجاهدتهم بالعلم القوي، والإيمان الراسخ، والفهم العميق، والحجة الداحضة، وفي مقدمة ذلك مدافعة النفس ومحاسبتها، وردعها عن غيها كما قال الشاعر " البوصيري " في حكمته:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فإذا تعاون مع النفس والهوى والشيطان جماهير من البشر يسلطون غزوا من المغريات التي تتوق إليها النفوس، وسلكوا في هذا السبيل ألوانا عديدة وجذابة، وزينت المداخل لذلك بطرق متنوعة تفتح مغاليق النفس. ثم أمام هذا لم تكن هذه النفوس محصنة بسياج إيماني يحميها، ولا بعلم قوي يوضح لها، فهي بلا شك سوف تنهار أمام المغريات، وتجبن على الصمود أمام الملذات، وأعداء الله وأعداء أمة الإسلام يحرصون في الدرجة الأولى على غزو الشباب بهذه المغريات، وتكسير حدة المنعة لديهم، لأنهم درع الأمة القوي وسبيل التغلغل إلى مختلف حصون المجتمع