للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصدقة، وإنظارا لمن أعسر، وتشغيلا بالأجرة والعوض وغير هذا من الأمور التي شرعها الإسلام في التعامل، لما يجعل في المجتمع حركة، ويزيد فرص العمل، ويدخل السعادة على أسر هي في أمس الحاجة إلى التماس الطريق الشريف لكسب لقمة العيش.

وهذا ما ينظر إليه الإسلام ويهتم به لأنه من التعاون والترابط الاجتماعي، ومن عدم نقمة الفقير على الغني، كما قال تعالى: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (١).

فالمال مال الله، والبشر مؤتمنون عليه، وجاءت شريعة الإسلام لترسم للنفس طريقة الأمانة للتصرف في هذا المال، أخذا وعطاء، ورأفة بالعباد، وأداء لحق الله فيه.

ولأن المال هو عصب الحياة، وشريانها النابض، كما يقول المختصون في هذا المجال، فإنه يجب أن يرسخ في أذهان الشباب، ركائز الإسلام في تمكين قواعد التوجيه فيه، واختلاف منهجه عن نظرة الماديين، وأصحاب المبادئ الأخرى والإبانة عن وسطية الإسلام في تسيير المال لشئون الحياة بين المذهبين المتحكمين عالميا اليوم: الرأسمالية والاشتراكية. وأن تسخير المال، وتوزيعه في البيئة الإسلامية، لم يكن خاضعا لأنظمة بشرية، تخطئ أكثر مما تصيب، ولكنه توجيه من رب العالمين، الذي يعلم ما يصلح أحوال الناس وما يتلاءم مع متطلبات حياتهم، أو تنتظم به معيشتهم.

وما يقال عن المال، يقال مثله عن حاجة المجتمعات إلى الأمن، وعقوبة الإسلام الشديدة والرادعة، لمن يزعزع راحة المجتمعات، أو يتعدى على الممتلكات والحرمات، إذ الرخاء والاستقرار، واتساع الحضارة، وانتظام المعيشة وغير هذا من شئون الحياة المتعددة، لا يهدأ وضعها، ولا يفسح


(١) سورة الزخرف الآية ٣٢