فكر وثقافة، ولذا نلمس في الحداثة قدحا للتراث الإسلامي ونعوتا لمصادر الشريعة الإسلامية، وإبرازا لشخصيات عرفت من قبل بجنوحها العقدي كالحلاج والأسود العنسي ومهيار الديلمي، وميمون القداح وغيرهم حيث يرفعون من قدرهم ويعلون مكانتهم. وكل واحد من هؤلاء وغيرهم له في التاريخ الإسلامي سجل أسود.
حيث أطلق عليهم علماؤنا القدامى الكفر، ووصموهم بالمروق من الدين، وبانت أفكارهم الجدلية وعلاقاتهم بأديان ومعتقدات الأمم التي غلبتها الجيوش الإسلامية، وانطوت تحت لواء الدولة التي يحكمها كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من باب محاولة إفساد الإسلام من داخله.
وإذا كان المنتمون لهذا الخطر منذ الدولة العباسية، هم أصحاب النزعات البعيدة عن الوفاق مع تعاليم الإسلام، ليعبروا في أدبهم عن مكنون نفوسهم، وارتباطهم بمن خلفهم، كما يلمس مثل ذلك في شعر بشار بن برد، ومحاولته الرفع من المانوية، وهي عقيدة وثنية، تمثل إله النور والظلام، وتعمده السخرية من النسب العربي، فإن مثل هذه الحركة قد كثرت في عهد المنصور وابنه المهدي، وحاربوهم باسم الزندقة، وكثر المنتمون إليها، وممن قتل من الأدباء لأفكاره: بشار بن برد، وابن المقفع وصالح بن عبد القدوس، وغيرهم.
ولذا كان مثل هذا المنهج مطية في بلاد الشرق والغرب، يعبر بها الأدباء المنفلتون من قيود الدين والأمانة عن خلجات نفوسهم، ورغباتهم الذاتية، وانتقاداتهم الاجتماعية، وانتماءاتهم الفكرية والعقدية.
ولأن عذر هؤلاء في الالتزام بمثل هذه الشهوات، فإن من سايرهم من أبناء المسلمين في اتجاهاتهم فإنهم غير معذورين، لأن لهم فكرا غير فكرهم، ومنطلقا غير منطلقهم، وثقافة غير ثقافتهم.
واتباع بعض الشباب في ديار الإسلام لما سار عليه أولئك، من تسخير